وهم مع فعلهم تلك الطاعات، ينظرون إلى أنفسهم بعين النقص والعيب؛ كما قال: (مع رؤية التقصير والنقصان)
فهم لا ينظرون إلى أعمالهم بعين الاغترار والإدلاء على الله – عز وجل -، فلا يرون لأنفسهم شيئا، وإنما وفقوا إلى هذه الطاعات بفضل الله – سبحانه وتعالى.
والفاعلون الطاعات العاملون بها لهم مع أنفسهم مقامان:
- أحدهما: مقام الافتقار والانكسار.
- والآخر: مقام الاستكبار والاغترار.
فمن الناس من إذا فعل الطاعة زاد انكساره لله وافتقاره إليه، فهو يرى أن تلك الطاعة بتوفيق الله له، وأنه لا يقدر على شيء منها إلا بعون من الله، ومن الخلق من إذا فعل الطاعة اغتر بها، واستكبر على الله وعلى خلقه، فهو دائم الإدلاء بهذه الطاعة، وإياه قصد سعيد بن جبير في قوله: «إن الرجل ليعمل الحسنة يدخل بها النار»، وتفسيره أنه يعمل الحسنة فتكسبه استكبارا واغترارا، فتكون سبب دخوله النار.
فاللائق بالعبد إذا وفق للطاعات أن ينكسر لله، وأن يطلب الزيادة منها؛ شكرا لله على ما أسدى إليه من التوفيق للعبادة، فالطاعة التي يصيبها أحدنا لا يستمدها من ماله أو أصله أو لونه أو جاهه أو رئاسته، وإنما يستمدها من توفيق الله – سبحانه وتعالى - له، فمن زاد انكساره لله وافتقاره له؛ زاد مقامه في العبودية وارتفع، ومن اغتر بحسناته واستكبر بها على الخلق؛ كانت تلك الحسنات سببا لشقائه وخسرانه وبواره.
Ещё видео!