الحالة: القفة والزيارة
الاسم: مباركه التونكتي
مقدمة الحالة: ابنة الضحية هدى التونكتي
تعريف الضحية
من مواليد 1 جانفي 1939 بمنطقة تونكت من ولاية تطاوين، أميّة، متزوجة وأم لأربعة عشرة ابن وأبنة.
سجن خمسة من أبنائها على خلفية انتمائهم لحركة النهضة ونشاطهم الدعوي والاجتماعي.
الوقائع
تعرض منزل الضحية لعدة مداهمات زمن حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة على خلفية انتماء أبنائها لحركة الاتجاه الإسلامي ونشاطهم الدعوي والاجتماعي وفي كل مرة كان يتم ترويع أفراد العائلة وتهديهم بالسلاح وبعثرة محتويات المنزل.
وفي سنة 1984 وقع طرد ابنها رؤوف من المعهد الثانوي برادس على خلفية مشاركته في المظاهرات التلمذية المتعلقة بأحداث الخبز.
خلال سنة 1987 وقعت مداهمة منزل الضحية بحثا عن ابنها فيصل التونكتي الذي كان متخفيا بمكان آخر بعد أن علم أنه مفتش عنه فألقى أعوان الأمن القبض على ابنها رؤوف الذي تعرض للإختفاء القسري لفترة دامت أكثر من شهرين كانت الضحية خلالها تتنقل بين مراكز الأمن والسجون ومقر وزارة الداخلية بحثا عن ابنها دون أن تتمكن من معرفة مكان إيقافه إلى أن عاد للمنزل بعد أكثر من شهرين وأخبر العائلة بأنه قد أوقف بكل من مركز الإيقاف ببوشوشة ووزارة الداخلية أين تعرض للتعذيب ثم وقع إطلاق سراحه.
استمرت المداهمات الليلية لمنزل الضحية وكان أعوان الأمن يتعمدون ترهيبها وتوجيه الأسلحة نحو أبنائها رغم صغر سنهم وحالة الذعر التي كانوا عليها مما تسبب لها في الإصابة بمرض السكري في سن مبكرة وكانوا يوجهون لها الإهانات وينعتونها بـ"أم الإرهابيين" ويحثونها على إجبار أبنائها على الانقطاع عن الدراسة بما أن مصيرهم سيكون السجن في كل الحالات مؤكدين لها أن أبناءها هم سبب معاناتها وأن كتبهم ولوازمهم المدرسية تحتوي مناشير معادية للنظام.
تحت وطأة الخوف وبفعل حالة الأمية التي كانت عليها أصبحت الضحية تقوم بتمزيق وحرق كل الوثائق والأوراق التي تجدها بالمنزل بما في ذلك الكتب واللوازم المدرسية لأبنائها كما كانت تقوم بدفن مخلفات الأوراق المحروقة بحديقة المنزل.
سنة 1990 تم إيقاف الابن رؤوف مجددا على خلفية ذكر اسمه من قبل أحد الموقوفين بعد أن قضى مدة تقارب السنتين متخفيا ولم تعلم عائلته بمكان وجوده مما اضطر الضحية للاستفسار عنه في مراكز الأمن دون أن تظفر بأية إجابة ثم علمت بأن ابنها مودع بالسجن المدني 9 أفريل على ذمة القضية التي عرفت وقتها بقضية "ستينغر" وأن محاكمته ستتم أمام القضاء العسكري.
تعرضت الضحية للتفتيش الدقيق وللإهانة وأجبرت على نزع الحجاب أثناء حضورها بجلسات المحاكمة.
قضي في حق ابنها رؤوف بالسجن مدة 21 سنة بتهمة المشاركة في الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة والانتماء لجمعية غير مرخص لها كما أوقف ابنها الثاني فيصل وحوكم في نفس القضية وقضي في شأنه بالسجن لمدة سنتين و3 أشهر و16 يوما. حوكم ابنها رؤوف في قضية أخرى وحكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات بتهمة تكوين عصابة مفسدين.
أوقف ابنها الثالث مهدي التونكتي بتاريخ 10 مارس 1992 وقضي في حقه بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها والمشاركة السلبية. كما سجن أبناؤها الرابع والخامس منير وعبد المنعم التوكنتي.
نقل أبناء الضحية عدة مرات بين سجون 9 أفريل و برج الرومي وجندوبة والناظور وحربوب وسوسة والمهدية والهوارب وقابس وبرج العامري وقرمبالية والكاف وبنزرت.
كانت الضحية تقوم بزيارة أبنائها وحمل القفة لهم بالتداول إضافة لحمل القفة لزوج ابنتها فوزية المسجون بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخص فيها. كانت تقضي كامل أيام الأسبوع في التنقل بين السجون وحتى في صورة وجود اثنين أو أكثر من أبنائها بنفس السجن فإنها كانت تمنع من زيارتهم في نفس اليوم.
تعرضت الضحية لعدة مضايقات أثناء زيارة أبنائها وصهرها من ذلك أن الأعوان كانوا يتعمدون تأخير موعد زيارتها مما يضطرها للانتظار لساعات طوال كما كانوا يجبرونها على نزع حجابها كشرط لتتمكن من رؤية أبنائها وحتى عندما كانت ترتدي السفساري فقد كان يتم إجبارها على خلعه للتأكد من أنها لا ترتدي الحجاب تحته.
كما كان أعوان الأمن يستغلون أميتها ليخبروها بان بطاقة الزيارة التي أحضرتها خاطئة أي تخص ابنا آخر من أبنائها ويمنعونها من الدخول لتكتشف بالعودة لمنزلها أن البطاقة سليمة.
اضطرت الضحية للتنقل بين الأسواق الأسبوعية القريبة من محل سكناها بحثا عن بقايا الخضر التي يرميها التجار لاستعمالها في إعداد القفة لأبنائها وأصرت على عدم الانقطاع عن زيارتهم رغم طلباتهم المتكررة بأن تتوقف عن ذلك رأفة بها. كما كانت تقوم بنقع الخبز اليابس بالماء وترش عليه السكر وتقدمه لبقية أبنائها الصغار.
كان أعوان السجون يرفضون تسليم الضحية أدباش أبنائها التي كانت ملطخة بالدماء وتحمل آثار التعذيب مما اضطرها للتوجه لأسواق الملابس المستعلمة والبحث في تلك التي يلقيها التجار عن ملابس تقوم بغسلها وترقيعها وحملها لأبنائها.
وقع طرد ابنتها هدى من المعهد الثانوي برادس لارتدائها للحجاب وطلب منها إحضار والدتها فقامت باصطحاب والدها إلا أن إدارة المعهد رفضت تسليمه قرار الطرد أو تمكينه من الاطلاع عليه طالبين منها إحضار والدتها لتسلمه لعلمهم بأنها لا تحسن القراءة.
تواصل سجن ابنها رؤوف مدة 16 سنة ليتمتع بالسراح الشرطي سنة 2006 ولم تنقطع الضحية عن زيارته إلى أن غادر السجن.
أصيب ابنها مهدي التونكتي بمرض السل عندما كان في السجن وتعرض للإهمال مما أدى لوفاته سنة 2011.
النتـائـــج
أصيبت الضحية بمرض السكري ومرض الرعاش كما أنها تعاني حاليا من اضطرابات نفسية واكتئاب حاد.
عانت الضحية وعائلتها من الوصم وتشويه السمعة فأصبح الأجوار وأفراد العائلة الموسعة يتجنبونها خوفا من الملاحقة الأمنية.
عانت الضحية الفقر والخصاصة حتى بعد خروج أبنائها من السجن نظرا لخضوعهم للمراقبة الإدارية ولمنعهم من الارتزاق.
![](https://i.ytimg.com/vi/W56FBHZ5pzY/mqdefault.jpg)