{ تقسيم أعمال الدعوة والتبليغ من حيث الزمان والمكان }
ثانيا : ماهية ( الجولات ) فى منهج العلامة الداعية الشيخ / محمد إلياس الكاندهلوى -رحمه الله - العملى فى الدعوة والتبليغ :
كان الشيخ محمد إلياس يرى أن المسلمين وخاصة الشباب ، قد فقدوا القدوة المؤثرة والتوجيه السليم ، وذلك لأن وسائل التوجيه المستخدمة حينذاك كانت غير مؤثرة تماما فى احداث انقلاب جديد فى المجتمع الإسلامى وما كان المجتمع الإسلامى الخالص إلا قبة عظيمة تظلل المسلمين ثم أرخيت عنهم حبالها وألقيت فى أرض بعيدة ، ولن يعود الأمر إلى ما كان إلا بإجتماع المسلمين ليشدوها فيعيدونها إلى حيث كانت .
وحقيقة الأمر أن إقامة المجتمع على دعائم الإسلام وحكمه ونظامه ليس إلا إنعاما من الله تعالى يمنحه بفضله لهم ، من حيث يحتسبون أولا يحتسبون فى مقابل تطبيقهم الإسلام كله على أنفسهم اولا ، ثم على ذويهم وأولادهم وإبلاغهم إلى كل من يحتاجه على وجه الأرض .
فكيف السبيل إلى ذلك والمسلمون يعرضون عن واجب الإلتجاء الكامل إلى الله والإكثار من ذكره فى الخلوات والجلوات والإكثار من مراقبة النفس والسعى إلى تزكيتها بكل الوسائل ، كما يعرضون عن مراقبة بيوتهم والقيام بكل أمانة على إصلاح حال الأهل والأولاد وإشاعة ذكر الله وعبادته بين أفراد الأسرة وإبلاغها إلى من يحتاجون إليها فى كل بقاع العالم ، إنهم يعرضون عن هذه الواجبات كلها فى حين أنها هى لب الدعوة الإسلامية والعمود الفقرى لها .
ونظرا لهذه الأحوال المؤسفة قرر الشيخ / محمد إلياس أن يقوم هو وزملاؤه بتقديم قدوة حية صالحة ، مع تقدديم التوجيهات المؤثرة التى يستفيد بها الجميع من أفراد الأسرة وأفراد الأمة وأفراد البشرية جمعاء .
فقد قرر أن يدعو الناس إلى الله بكل سبل الحكمة التى يمكنه استخدامها فى هذا المجال وذلك بالذهاب إلى كل فرد من أفراد الأمة فإن استجابوا لهذه الدعوة فذلك من فضل الله ، ولكن لا يعتقد أن الإستجابة الأولى كافية لاستمرار يقظتهم ومواصلة سيرهم ، فإن تركناهم بعض الوقت دون تذكير عادوا لغفلتهم وليس ذلك إعراضا منهم ، بل يعد فى الحقيقة إهمالا من قبل أصحاب الدعوة علماء الدين وأبناء الأمة الإسلامية كلها .
أما إذا رفض المدعوون وأعرضوا عن ذلك فيستمر فى تذكيرهم حتى يعودوا إلى الدين ويعتادوا على مادعوا إليه ، ويكون ذلك سببا فى هدايتهم وإن استمروا فى الإنكار فقد لزمتهم الحجة ، وندع النتائج لله تعالى مفوضين الأمر إليه ، ولا يرهق أحد نفسه بأشياء لم يجعل الله مقاليدها فى يديه ، فإن زمام الأمور كلها بيده تعالى وهو الذى يسوق الأسباب ويأتى بالنتائج ويغير الأمور .
ولنيل هذا الغرض رتب الشيخ / محمد إلياس نظاما للخروج فى سبيل الله ويحتوى على الجولات التبليغية المحلية والعالمية ، وفى هذا يقول الشيخ / محمد إلياس - رحمه الله - :
( إن هدفنا الأول والأخير هو تعليم جميع المسلمين كل ما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم ، أى ربط الأمة بنظام علمى وعملى إسلامى بصورة كاملة وأبدية .
أما الخروج والجولات التبليغية فهى كوسيلة ابتدائية اختيرت لنيل هذا الهدف كما أن كلمة التوحيد وتعليم الصلاة وغيرها من الأمور الإبتدائية التى يتعلمها المبتدىء ، أثناء تلك الجولات ، ما هى إلا ألف ، وباء ، وتاء فى منهج الدعوة الإصلاحية التى قصدنا إبلاغها إلى الأمة جمعاء .
ولا يخفى على أحد أن قوافلنا التبليغية لا يمكن قيامها بكل ما نبرمج له فى المستقبل وكل ما نهدف إليه بل إنها تستطيع فى بادىء الأمر أن تصل إلى كل مكان وتنفخ روح اليقظة والطلب والحركة ببذل الجهود المصلحة والإستعداد لها وإفشاء الرغبة فى الناس ، حتى تتوطد الصلة مع أهل العلم والدين فى كل منطقة من مناطق العالم ، كما يمكن توجيه علماء الدين إلى القيام بالتربية الدينية لأهل منطقتهم حيث إن هذا هو القيام الحقيقى لتربية أهل المنطقة نفسها .
فالحصول على التربية على يد العلماء المحليين - أى أهل المنطقة نفسها - هو أحسن وأنفع بكثير من ان ياتى الدعاة والمصلحون من المناطق الأخرى البعيدة ، حيث إن العلماء المحليين أدرى بأهاليهم ، وأحسن معرفة لاحتياجاتهم .
أما هؤلاء الذين يرغبون فى الحصول على سبيل التعليم والتربية العمومية فندعوهم إلى تلقى هذه الطرق والأساليب فى مجال الإصلاح من أصحابنا لأنهم قطعوا أشواطا كبيرة ومراحل عديدة فى هذا المجال ) .
وفى أهمية الخروج والجولات ومصاحبة أهل الخبرات فى هذا المجال يقول الشيخ / محمد إلياس :
( لاشك أن الترتيب الأصلى لهذا العمل هو التقدم إلى الأمام بعد إصلاح امور النفس والأهل والعشيرة ، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إرسال مجموعات البعثات إلى ابعد المناطق التى يمكنهم بلوغها ، وذلك لترسيخ حقائق العمل وكسب خبراته وإعطائه الدفعة القوية للعزيمة والثبات كما أنها تؤدى غلى إيجاد الحب القوى لتلك الأعمال التى تحتاجها الأمة اكثر من أى وقت مضى .
[ Ссылка ]
Ещё видео!