كلمة معمر القذافي خلال مفاوضات أجلاء قواعد الأمريكية
Muammar Gaddafi during the negotiation for the departure of the American military bases from Libya
Muammar Khaddafi durant les négociations de l'évacuation des bases militaires américaines de la Libye
إن ثورة الفاتح من سبتمبر ومنذ اللحظة الأولى لانبلاج فجرها وانتشار إشعاعها ونورها وعبر امتداد تاريخها تميزت وتتميز بسياق متصاعد من المهام ، كل مهمة تقود لمهمة تليها في سلم الأولويات ، وكل خطوة تمهد لما بعدها من الخطوات على طريق المجد والانتصارات ، ولقد كان الإجلاء على رأس سلم تلك الأولويات بامتياز.
قبل الفاتح من سبتمبر عام 1969 مسيحي كانت سيادة البلاد ناقصة وإرادة الشعب مستباحة تتقاسمها القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية التي كانت آنذاك تجثم فوق الأراضي العربية الليبية .. إلى جانب قوة أخرى في ثوب مدني تضم جيشاً من بقايا الاستعمار الاستيطاني الإيطالي .. يمتلكون كل شئ له قيمة على الأرض الليبية ، وكما تقاسم هذا الثالوث الأثيم السيادة والسلطة في البلاد فقد تقاسموا أيضاً ثرواتـــــه واستباحوا حرماته كجزء من مغانم الحرب الكونية الثانية التي تحمّل شعبنا كثيراً من مآسيــــها وأوزارهــــا دون أن يكون له فيها ناقة ولا جمل ..
وقد تحالف هؤلاء مع سلطة العهد المباد في مواجهة أبناء الشعب العربي الليبي الذي أحكموا حوله الطوق وحاولوا أن يسدوا أمامه منافذ المستقبل .. لقد كانت تلك القواعد تمتلك القرار .. وتحمي النظام العميل من غضبة الجماهير
وبالمقابل .. كرس النظام الحاكم آنذاك جهوده لتبرير وجود القواعد دون أن يندى له جراء ذلك البهتان وتلك الأباطيل جبين .
ولأن ثورة الفاتح من سبتمبر كانت مشروعاً مشرعآً للحرية .. بداية فوق الأرض الليبية وعموماً للإنسان في أي مكان .. فإن وعي الثوار لم يكشف فقط زيف المبررات والحجج التي كان يسوقها العهد المباد لتبرير وجود القوات والقواعد الأجنبية .. ولكن وعي الثورة كان يدرك أيضاً حقيقة الدور الذي كانت تلعبه تلك القوات والقواعد الأجنبية في حياة المجتمع وحقيقة تصادمها مع المصالح الأساسية للجماهير الشعبية.
إن القوات والقواعد الأجنبية كانت تمثل الاحتلال المباشر لأجزاء غالية عزيزة من أرض الوطن .. وتقف حائلاً دون تحقيق أمل الإنسان في الحرية فوق الأرض العربية الليبية .. كما حالت دون تواصل الإنسان العربي في ليبيا مع أشقائه في الساحات العربية الأخرى .. وكانت دائماً عنصر تهديد مباشر للأمة العربية في صراعها ضد الاستعمار .
لقد كانت تلك القواعد تجسد التحالف السافر بين الاستعمار والرجعية في مواجهة الجماهير الشعبية .. في محاولة لمنعها من تحقيق غاياتها المشروعة في الحرية والسعادة وحتى يكون مشروع الحرية ممكناً كان لابد من تحرير الإرادة لكي يتم الاختيار الحر .. الذي قاد إلى تحرير المقدرات .. تمهيداً لحسن توظيفها في معارك البناء والتشييد .
لذلك كان الإجلاء على رأس سلم أولويات ثورة الفاتح من سبتمبر المجيدة.. والمهمة الأولى التي تصدرت جدول أعمالها وسبقت غيرها من المهام .
Ещё видео!